السبت، أكتوبر ١٦، ٢٠١٠

كونوا رحماء بينكم، وعودوا لهدي السلف!‏

...

إن كل أسباب الفرقة والاختلاف تَمَهَّدَت لهم لكنهم كانوا أَبْعَدَ الخلق عنها وأَفْرَقَ الناس منها، وهم وإن حصل بينهم أصل الخلاف إلا أنهم لم يتركوه لِيَسْتَفْحِل في دينهم وينال من عقيدتهم، فما وُجِدَ إجماع أمْكَنَ ولا أَصْلَبَ من إجماعهم على المعتقد، لقد تنازعوا في الفروع وعذر بعضهم بعضا، لكنهم في الإيمان تأصَّلَتْ جذورهم واسْتَفْحَل تعصُّبُهم وتعاظمت حَمِيَّتُهُم فما جَرُأ أحد على القرب من حِمَاه والنَّيْلِ من حَرِيْمِه.

هذا وقد لاحظ سلفُنا الصالح أمرا ظاهرا في تصرفات الرعيل الأول من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر المعتقد وعليه بنوا أصل الاعتقاد، وهو أن ما تقرر في النص وجب اعتمادُه، وما سكت عنه النص وجب السكوتُ عنه، وبهذا السور الحصين بنوا سِياج العقيدة وعلى أُطُمِه دافعوا وردوا على المخالفِ ابتداعَه ونطقه بما سكتوا عنه.

...

إن السلف رأوا أبا حنيفة يخطئ في بعض مسائل الإيمان فما كفروه ولا بدعوه ولا جعلوه رأسا من رؤوس الضلال وكُل ما يُروى عن بعضهم في أبي حنيفة في تبديعه وتضليله أو تكفيره فلا يصح ولا تقوم بمثله الحجة، فمن كان أَمْكَنَ وأَقْعَدَ في مسائل الإرجاء أخذ عنهم المحدثون والرواة والنقلة من أهل السنة ولم يجدوا الغَضَاضَةَ في نقل نصوص الشريعة عنهم بل وثَّقُوْهُمْ وزَكَّوْهُمْ وإن نبهُوا على ما وقعوا فيه من بعض البدع.

لقد خالط السلف من خرج على بعض أئمة الجَوْر كعبد الرحمن بن الأشعث وسعيد بن جبير واعتبروهم من أئمة الدين ونقلة الشريعة ولم يعتبروهم من كلاب النار أو من الخوارج الضلال.

...

وقد كان السلف يعظِّمون النصوص والآثار ويُقَدِّمُونها على آراء الرجال ويَسْتَقْبِحُون من يذكر أسماء الرجال معترضا ذكر الآيات والأحاديث، وينكرون على من يُقَلِّدُ دينَه الرجالَ ويُعرِض عن نصوص الوحي المعصوم.

لَكِنَّ الرَّزِيْئَةَ كُلَّ الرَّزِيْئَةِ أن ينتمي لهذا المنهج من يجعل المسكوت عنه  في حكم المنطوق به، بل يجعله من لُبَابِ المعتقد وحَقِيْقِ القول، ومثله من يتتبع زلات العلماء ليفضحهم ويشهِّر بهم ويخرجهم من المنهج السلفي، وكذا من جعل المنهج السلفي قرينا للمذهبية بل هي المذهبية الجديدة حين يُهدر النصوص والآثار لفتوى عالم معاصر من أهل السنة وينادي على المخالف بالابتداع والشذوذ لأنه يريد فهم النصوص والآثار بعيدا عن فهم شيوخه وعلمائه.

وقد رأينا من يقرأ حديث حذيفة رضي الله عنه المرفوع في الدعاة على أبواب جهنم ويَفهم منه أن المقصود به هم الجماعات الإسلامية العاملة لدين الله الباعثة لما اندثر من شرعه (وليس في شروح السلف ولا الخلف ما يشير إليه ولو من طَرْفٍ خَفِيّ)، فيَجْزم بهذا المعنى ضَرْبَة لازِبٍ، ويعتبره معتقدا من معتقدات السلف فيربط عليه معاقد الولاء والبراء، فمن فهم الحديث مثلَ فَهْمِه فهو السني السلفي القح، ومن تأوله على غير هذا فهو الحزبي المتستر المتخفي برداء السلفي وهو جدير أن يكون من أهل الأهواء الذين الرَّدُّ عليهم أَرْجَى وأَعْظَمُ ثوابا من الرد على اليهود والنصارى، ومن الذين يجب الحَجْرُ عليهم وأَطْرُهم على الحق أَطْرَاً، كما يجب إقصاؤهم عن مناصب التدريس والإفادة وتحذير المسلمين من شَرِّهِمُ الوَبِيْل الذي فاق شر الحاكمين بغير شرعه والراضين بغير منهاجه!

وإِنْ تَعْجَبْ ؛ فاعْجَبْ مما يقول أدعياء المنهج في مَنْ يبذل كل رخيص وغال لدين ربه، بل ويبذل ماله وأهله وحياته لتقوم شريعة الله في أرضه، ويقضي نَحْبَه في سبيل ذلك كله، وتَسْبُرُ حياته فتجده على السنة في النَّقِيْرِ والقِطْمِيْر، لكنه عند هؤلاء المُتَنَطِّعِين المُتَكَلِّفِين يَعُدُّوْنَه من أهل الأهواء الذين يجب التحذير منهم ومحاربتهم واضطرارُهم لأَضْيَقِ الطريق، وأما مخالفوا ذلك الباذل المجاهد عَبَدَةُ الطاغوت والمتزلفون للصليبيين ومناصرو كل فَجْرَة وبِدْعَة وغَدْرَة في أمة الإسلام فيجب السمع لهم والطاعة والإخلاص لهم في المَنْشَطِ والمَكْرَه!

...

...اقرأ التدوينة كاملة...

__________________

المرجع: "سلسلة النصائح: أدعياء المنهج.. مصارحة ومناصحة" – تدوينة للشيخ رضا أحمد صمدي في مدونته "المجد للإسلام".

0 تعليقات: