السؤال
جماعة الإخوان المسلمين، هل هي جماعة مخالفة لسـنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ هل المنتمون إليها (شيوخاً وأتباعاً) من المبتدعة، كما يصفهم بعض الشباب المسلم، وبعض طلبة العلم أيضاً؟ هل ينبغي البراءة منهم، ومن منهجهم؟ هل هم من أهل السنة والجماعة؟ نرجوا تبيان ما لهم وما عليهم من منطلق شرعي عقدي، وبيان دورهم في حمل راية الدعوة إلى الله خلال العقود الماضية إن كان لهم دور...
الجواب
جماعة الإخوان، نشأت في مصر، على يد الشيخ الداعية حسن بن عبد الرحمن البنّا الساعاتي، ابن الشيخ المحدث صاحب الفتح الرباني، و ذلك سنة (1327هـ - 1928م). و انتشرت في أقاليم مصر بسرعة هائلة، و منها انتقلت إلى أصقاع العالم الإسلامي. و للشيخ حسن البنا مؤلفات تعبر - غالباً - عن اتجاه الجماعة، أهمها: (رسائل الإمام الشهيد حسن البنا)، و له أيضاً (مذكرات الدعوة و الداعية). و قد اغتيل الشيخ في ظروف غامضة سنة (1948م).
وتعرضت الجماعة لمحنٍ قاسية، و زُج بالآلاف من قياداتها و أفرادها، في غياهب السجون، و سِيق العديد منهم إلى مقاصل الإعدام، سنة (1956م)، ثم سنة (1965م)...
و قد تأثر بها كثير من العلماء، و الدعاة في مصر، و غيرها، و كان للجماعة جهود مشكورة في تربية الشباب، و حمايتهم من لوثات التغريب و الفتنة، و إحياء هموم الأمة، و مواجهة الاستعمار البريطاني لمصر، ثم مواجهة اليهود في فلسطين.
و يأخذ البعض على الجماعة:
1- عدم انضباطية منهجها العقدي و الفكري. و الشيخ حسن البنا -رحمه الله- و إن كان ألف كتابا ًسماه: (العقائد)، و فيه خير كثير، إلا أنه لم يحرر بعض المسائل تحريرا ًجيداً، على طريقة أهل السنة، و في الجملة يمكن القول: بأن الجماعة تيار حركي فاعل أكثر منها مدرسة فكرية محددة الملامح مضبوطة المعالم. و لا يمكن الحكم على أفرادها بأنهم مبتدعة، إلا من عُرف عنه أنه يقولُ ببدعة، و ينتحلها. و مصادرة إنجازات الناس ومكاسبهم -بسبب خطأ يقعون فيه- ليست من الأدب، و من الذي يستطيع في هذه المرحلة التي نعيشها التنكر لجهاد منظمة حماس، أو غيرها!؟
2- و قد شاركت بعض كوادر الإخوان في المشهد السياسي، كما في: الأردن، و الكويت، و اليمن، و تركيا، و هذه مسألة اجتهاد قال بها جمع من العلماء المعاصرين؛ كالشيخ رشيد رضا، و الشيخ ابن باز، و الشيخ ابن عثيمين، و الشيخ عبد الكريم زيدان، و جمع غير قليل من الفقهاء المعاصرين، و خالف آخرون و منعوا، و هذه ليست من مفاصل المسائل و قطعياتها التي لا تحتمل المخالفة.
و أتمنى على الإخوان -وفقهم الله لكل خير-:
1- أن يقرروا كتاباً سهلا ً، مختصراً في العقائد على عموم الأتباع؛ و ليكن مما كتبه بعض فضلائهم، ككتب العقيدة للشيخ عمر الأشقر -حفظه الله-، أو كتاب (الإيمان) للشيخ محمد نعيم ياسين-رحمه الله-، أو كتاب (العقيدة) للشيخ عبد الله عزام -رحمه الله-.
2- و أن يكون هناك عناية شديدة، بحماية الأفراد من التعصب الحزبي، الذي يكاد أن يكون من لوازم الانتماء للجماعات إلا ما رحم ربي، و الذي حلّ محل التعصب المذهبي، وأصبح عائقاً جدياً أمام وحدة العاملين للإسلام.وأن يعتبروا الفرح بالنقد الهادف البناء - من النصحاء المشفقين- من علامات النضج، فيكون هناك متخصصون في مراجعة المسيرة، و تصحيح الأخطاء، و استدراك الزلات، و سماع وجهات النظر، من داخل الجماعة و خارجها؛ فقد يستطيع من هو خارج الصورة أن يرى ما لا يراه من كان في ضمنها، و رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا. و كما أن الجماعة هي أولى الجماعات الإسلامية من حيث الوجود التاريخي، و أوسعها من الناحية الجغرافية، فكذلك: ينبغي أن تكون سباقةً في مراجعة المناهج و المواقف و الاجتهادات، و إحياء المنهج النبوي في هذا الشأن.
_________________
المرجع: "سؤال رقم4839 بعنوان جماعة الإخوان" فتوى على موقع الإسلام اليوم - للشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة.